بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى وبعد :
ادعى آباء الكنيسة القبطية – من شلح منهم ومن لم يشلح – بأن الإسلام دين بشاعة وجشاعة ، وأنه لم يترك حرمة لجسد ولا شجر ولا أرض ، بل أن الإسلام أمر بأكل لحوم اليهود والنصارى . !!
نقول :
اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
في كلام المعترض الكثير من المغالطات والتناقضات ، فمنها :
(1) أن الإسلام أمر بأكل لحوم البشر .
(2) أن الإسلام خص من لحوم البشر لحوم اليهود والنصارى .
وهذان الأمران لا مرجع لهما في كتب الفقه الإسلامي والتفسير الإسلامي وكتب التراث العلمي الديني عموماً.
بل إن ما ورد فيها عكس ذلك تماماً ،فإن بعض العلماء أباح أكل لحم الآدمي الميت عند الضرورة القصوى فقط ، وسأدع المراجع تتكلم نيابة عني :
" فيه معنى : وهو أن الاغتياب كأكل لحم الآدمي ميتاً ، ولا يحل أكله إلا للمضطر بقدر الحاجة ، والمضطر إذا وجد لحم الشاة الميتة ولحم الآدمي الميت فلا يأكل لحم الآدمي" (تفسير مفاتيح الغيب للرازي (14/188) )
" إن الشافعية والزيدية أجازوا اللحم الادمي عند عدم غيره بشروط اشترطوها. وخالف في ذلك الاحناف والظاهرية وقالوا: لا يباح لحم الادمي ولو كان ميتا." فقه السنة (3/291)
" إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَيْتَاتِ رِجْسًا وَالْمَيِّتُ مِنْ بَنِي آدَمَ لَا يُسَمَّى مَيْتَةً فَلَيْسَ بِرِجْسٍ وَلَا نَجَسٍ وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ لِنَجَاسَتِهِ إذْ لَيْسَ بِنَجِسٍ ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهُ إكْرَامًا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ مَيْتَةً لَمْ يَجُزْ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَهُ بِإِبَاحَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ ، وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ابْنُ عَرَفَةَ تَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ الْمُضْطَرُّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا يَجِدُ إلَّا لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ خَافَ التَّلَفَ وَتَخْرِيجُهُ"
(منح الجليل في شرح مختصر الخليل (3/246) )
" ولا حاجة لزيادة إمكان التناول ليخرج به الأشياء الصلبة كالحجر لأن ما لا يمكن تناوله لا يوصف بحل ولا تحريم وإلا لزم التكليف بالمحال وبلا لحرمتها لحم الآدمي فإنه وإن حرم تناوله مطلقا في حالة الاختيار لكن لا لنجاسته بل لحرمته" (حاشية الجمل على المنهاج ) (1/494)
وقال الإمام ابن العربي : " الصحيح عندى ألا يأكل الآدمى إلا إذا تحقق أن ذلك ينجيه ويحييه . "
وقال القرطبي في تفسيره :
" إذا وجد المضطر ميتة وخنزيرا ولحم ابن آدم أكل الميتة، لانها حلال في حال.
والخنزير وابن آدم لا يحل بحال.
والتحريم المخفف أولى أن يقتحم من التحريم المثقل، كما لو أكره أن يطأ أخته أو أجنبية، وطئ الاجنبية لانها تحل له بحال.
وهذا هو الضابط لهذه الاحكام.
ولا يأكل ابن آدم ولو مات، قاله علماؤنا، وبه قال أحمد وداود.
احتج أحمد بقوله عليه السلام: (كسر عظم الميت ككسره حيا)."
وعلينا أن نعي بأن العلماء يتكلمون في كل أقوالهم السابقة عن الاضطرار ، فما هو ضابط الاضطرار في الإسلام ؟
" حد الإضطرار :
وإنما يكون الانسان مضطرا إذا وصل به الجوع إلى حد الهلاك أو إلى مرض يفضي به إليه سواء أكان طائعا أو عاصيا."
( فقه السنة ( 3/ 291) )
** تلخيص لكلام العلماء :
إن وصل الإنسان إلى حالة من الجوع الشديد التي ستؤدي به إلى الموت أو الهلاك فهل يجوز له أكل لحم الآدمي الميت ؟
القول الأول : يجوز له ذلك لكيلا يهلك .
القول الثاني : لا يجوز له ذلك لأن لحم الآدمي سيضره دون أن ينفعه فهو محرم في كل حال .
ولحم الآدمي محرم أكله على الإجماع عند العلماء في حالة عدم الاضطرار .
وننتقل الآن إلى الكتاب المقدس لنرى ماذا يخبرنا الكتاب عن أكل لحوم البشر:
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-6-28)(ثم قال لها الملك مالك.فقالت ان هذه المرأة قد قالت لي هاتي ابنك فنأكله اليوم ثم نأكل ابني غدا.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-6-29)(فسلقنا ابني واكلناه ثم قلت لها في اليوم الآخر هاتي ابنك فنأكله فخبأت ابنها.)
وإله الكتاب المقدس يعاقب اليهود بإرسال قوم من أقصى الأرض يحاصرونهم حتى يأكل اليهود أبناءهم :
(الفانديك)(التثنية)(Dt-28-49)(يجلب الرب عليك امّة من بعيد من اقصاء الارض كما يطير النسر امة لا تفهم لسانها)
(الفانديك)(التثنية)(Dt-28-50)(امة جافية الوجه لا تهاب الشيخ ولا تحن الى الولد.)
(الفانديك)(التثنية)(Dt-28-51)(فتأكل ثمرة بهائمك وثمرة ارضك حتى تهلك ولا تبقي لك قمحا ولا خمرا ولا زيتا ولا نتاج بقرك ولا اناث غنمك حتى تف***.)
(الفانديك)(التثنية)(Dt-28-56)(والمرأة المتنعمة فيك والمترفهة التي لم تجرب ان تضع اسفل قدمها على الارض للتنعم والترفه تبخل عينها على رجل حضنها وعلى ابنها وبنتها)
(الفانديك)(التثنية)(Dt-28-57)(بمشيمتها الخارجة من بين رجليها وباولادها الذين تلدهم لانها تاكلهم سرا في عوز كل شيء في الحصار والضيقة التي يضايقك بها عدوك في ابوابك.)
ختاماً .. إن كنت قد أحسنت التأليف فذلك ما كنت أتمنى وإن كان قد لحقني التقصير والوهن فذلك من نفسي .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
أخوكم / أبو حنيفة السلفي الحنبلي الطائفي
كان الله في عونه ونصرته